قصص

قصه حُرمة أموات

قصه حُرمة أموات ،  انا سواق توك توك ومش عيب أبدا اني اقول كدا، الشغل عمره ما كان عيب، حصل معايا موقف مش قادر انساه خالص .
في يوم كنت بوصل زبونة لمنطقة اسمها أطلس في حلوان ، في الطريق ده بنعدي على ترب موجودة على يمين الشارع .
مش فاكر بالظبط الساعة كانت كام مكنتش مركز اوي الحقيقة، بس اللي فاكره اننا وقتها كنا بعد العشا بشوية .
عديت بيها عند المقابر، كنت مشغل الصَب ومعلي الاغاني شوية ، رغم كلام الست ليا اني اوطي الصوت كنت بسمعها واطنش .
كنت شارب سيجارة ملفوفة ودماغي متكلفة مكنتش عايز افصلها .
وصلتها والبيت كان جمب المقابر بشوية، أول ما نزلت لقيتها بتدعي عليا، كنت مطنش اي كلام منها ، خدت منها الفلوس ورجعت عشان امشي وانا برضو مشغل الاغاني عندا فيها .
البيت كان في منطقة هادية والمنطقة دي بتطل على المقابر اللي قولتلك عليها ، الصوت كان عالي اوي قربت من الشارع اللي فيه بدخل يمين وابقى في الطريق اللي هرجع فيه الموقف ، وهو بالمناسبة نفس الطريق اللي جيت منه .
بس مخدتش بالي ان فيه حفرة قدام مني ، وانا ماشي وبدندن بصوت عالي مع الاغاني نزلت في الحفرة العجلة غرزت .
فضلت افرك عشان اطلع لكن مافيش فايدة ، نزلت والاغاني لسه شغالة ، كنت قدام مدفن بابه حديد أخضر متسلسل وقدام المدفن صبار دبلان .
بصيت حواليا ، كنت عايز اي حد يساعدني ، ملقتش ، حاولت لواحدي بس مقدرتش ، الحفرة كانت غويطة ، والغريب واللي قولته من شوية ان وقتها انا عديت من نفس المكان وانا بوصل الست ، بس الحفرة دي مكنتش موجودة انا متأكد .
_ يا عم انت حرام عليك كدا ، يسطاااا .
سمعت صوت جاي من ورايا وبالتحديد عند المقابر ، كان شاب في اواخر العشرينات ، بصيتله بقرف كدا وقولتله وانا عاوج بوئي :
= انت بتكلمني انا يصحبي ؟ .
_ أيوة انت ، وطي الزفت اللي انت مشغله ده ، معندكش دم صحيح .
روحت فعلاً وطيت الاغاني بس مقفلتهاش ، ماهو غلط فيا وكان لازم اروحله واوريه مقامه .
_ انت قليل الادب بقى وعايز تتربى ، يلا يلا اجري من هنا شوف انت رايح فين .. يلاا متنحش عشان مزعلكش .
بعد اخر كلمة مني سابني ومشي ، مشي بين حواري المقابر، انا شوفته بيمشي وسط الترب في الضلمة بخطوات ثابتة انا اتهزيت ! .. ايوة انا قولت انه مش بني ادم وانه بسم الله الحفيظ عفريت .
كان في نص سيجارة محشية معايا ، سيجارة حشيش يعني ، ولعتها وحاولت أهدى شوية ، هوصفلكوا المكان اللي كنت فيه بالظبط .
للي من حلوان او اطلس بالتحديد هيعرف اللي هقوله ، المنطقة اللي عند المقابر وبالتحديد في شارع مكتب التومين اللي هناك .
على الشمال في اول الشارع اللي انا واقف فيه كان فيه عمارة من ٣ أدوار بس الواضح أن محدش ساكن فيهم ، وعلى يميني كان في بيت مبني بس مش كامل ، الخرصانة والسلم وبس ، وكان مليان زبالة وريحة وحشة .
المنطقة دي معروفة بهدوئها خصوصاً بعد الساعة ٧ بالليل ، قفلت الاغاني وسحبت المفاتيح ، ماهو في ورش بعد كام خطوة مني ، جيت عشان امشي ، بس خوفت على المكنة ، عشان كدا رجعت ووقفت على اول الشارع وكان بيني وبين المقابر ٣ متر بالظبط .
عمال باصص يمين وشمال مش لاقي حد ، السيجارة في بوئي والمفاتيح في ايدي عمال اهزها بتوتر ، في الوقت ده ، عيني جت على الباب الحديد الاخضر اللي حكيت عنه من شوية ، الباب بطبيعته مفتوح فتحة في نصه علشان السلسلة مربوطة فيه .
لكن مكنتش السلسلة بس اللي جوة الفتحة لأ ، كان في عين ، عين بني أدم طبيعية بتبربش وبصة عليا !!
اول ما بصيت وشوفتها اختفت لجوة تاني ! .
قلبي كان هيقف من الرعب ، قولت بسم الله الحفيظ ورجعت اوام على المكنة وقعدت فيها ، حاولت ادورها كتير .
روحي كانت هتروح مني لما لقيت السلسلة بتتهز وبتتحرك لجوة الباب !! .
انا بطبعي قلبي ميت مش بسهولة اخاف ، بس في الوقت ده حسيت اني عيل صغير ، أيوة كنت خايف .
نزلت من التوكتوك ورجعت وفضلت أزُق فيه بكل قوة ، فضلت أحاول اكتر من مرة لحد ما ف مرة نجحت انه اتحرك ، بس بعد ما اتحرك والعجلة طلعت من الحفرة ، وقعت على الارض والتوك توك ااااااا .
التوكتوك اتحرك تلقائي وفضل يتحرك لان كان فيه نزلاية بسيطة في اول الشارع ده ، والنزلاية دي كانت سبب انه يفضل ينزل لحد ما خبط بقوة في الباب الحديد !! .
أيوة المكنة خبطت باب القبر وأنا فضلت على الارض ملحقتش الحقه .
قومت ونفضت نفسي وقولت هرجعه من ضهره وهركبه وامشي من هنا .. بس كنت غلطان .
عشان لما قربت من المكنة لقيت طوبة كبيرة أتحدفت عليا ! .. اتحدفت عليا من جوة المدفن اللي انا واقف قدامه !! .
مكنش متسقف ، عشان كدا طوبة تانية اتحدفت خلتني أجري من مكاني وبعدت شوية ، لحد الوقت ده كنت شاكك ان اللي بيحصل معايا ده مقلب عشان اجري واسيب المكنة و اتسرق .
ويمكن الاقتراح ده كان مخليني مش عايز أسيب المكنة واروح لحد يجي معايا ، وموبايلي جوة المكنة .
المرادي كنت واقف في نفس المكان اللي ظهرلي منه الشاب ، على اول حارة من االمدافن.
فجأة كدا الأغاني أشتغلت تاني ، مهرجان من بتوع اليومين دول وصوته كان عالي اوي ، بس مش دي المشكلة عندي ، المشكلة انه ازاي اشتغل لواحده كدا ! .
لا واللي حصل بعد كدا كان أكتر غرابة ، لان الأغاني كانت بتتغير لواحديها !! .. لقيت اتنين بيقربوا عليا من قلب الضلمة اللي جوة المقابر ، لقيت الشاب ومعاه راجل كبير ، كان الواضح انه ابوة .. لقيت الراجل بيبصلي وبيقولي بغضب :
_ يعني سايب الدنيا كلها وجاي تشغل اغاني في المقابر ، متعرفش ان في حاجة اسمها حرمة اموت ؟ .
رديت عليه بأرتباك وقولتله :
_ ا ا انا مشغلتش حاجة ، ا ا انا بس كنت ااااا
الشاب اللي واقف معاه قاطع كلامي ووجه الكلام لابوة وقال :
_ انا قولتله وهو مرضاش يمشي ، وشوف لسه مشغل الاغاني المزعجة دي رغم اني قولتله .. وهو مرضاش يمشي .. شوف احنا ساكنين فين والصوت واصلنا .
مش عارف ليه حسيته بيعيد الكلام ، مهتمتش خصوصاً اني اتاكدت انهم بني ادمين مش زي مكنت مفكره .
اتجرأت وهما واقفين وروحت ركبت المكنة وقفلت الاغاني ، او في الحقيقة حاولت لكن الاغاني كل محاول اقفلها الصوت كاان بيعلى أكتر وأكتر !!! .
طبعاً كنت قاعد على الكرسي والباب بيني وبينه البربريز الي قدام.
إضاءة حمرا خافتة ، إضاءة لثواني ظهرت واختفت بسرعة ، اضاءة شوفتها جوة الفتحة ، اضاءة مش عارف مصدرها ظهرت من جوة القبر وانا قاعد وبحاول اخرج حتى بالمكنة مش عارف !.
نزلت علطول من النحية التانية وانا بقول بصوت عالي :
_ اهو اتأكدت يا عم الحج ، الاغاني مش عايزة تتاااااااا .
انا بقول ايه ؟ وبكلم مين أصلا؟ ، محدش موجود غيري ، جريت بصيت جوة الضلمة ملقتش أثر ليهم خالص ! .
أثر ، قولت الكلمة دي وبصيت مكان مكانوا واقفين ، كان في ماية مرشوشة على التراب وبالتالي اتكون طينة عامله دايرة .. الراجل وابنه كانوا واقفين على الطينة ، لو كانوا بالفعل واقفين أثار رجليهم كانت هتبقى باينة وواضحة لو مشيوا كدا او كدا .
لكن لما ملاقيش اي اثر لوجود رجلين كان لازم امشي من هنا .
اللي عملته اني جريت على بيت الزبونة اللي وصلتها ، كنت ببص على المكنة كل ما ابعد ، بيتها مكنش بعيد ، لسه كنت هطلع واخبط على اي دور ، بصيت على اول دور لقيتها واقفة في البلكونة بصالي !! .
مستنتنيش اتكلم ، كان في شاب واقف جمب منها ، اول ما بصتله سابها ودخل جوة ، دقيقة وكان قدامي في الشارع ، مشي وانا وراه في صمت ، بعدنا كام خطوة وبعدها قالي :
_ سامحني يسطا انا كنت شايفك من الاول وجيت عشان انزلك امي مسكتني وحلفت عليا منزلش غير لما هي تقولي، لما سألتها ليه حكيتلي بقى اللي انت عملته معاها .
متكلمتش ، كنت ماشي ساكت وباصصله ،كنت عايز اقوله يعني انت شوفت اللي حصل معايا ؟ .
اتكلم مرة تانية ورد على كل الاسئلة اللي كانت بتدور جوايا :
_ أرجوك قولي أيوة كنت بتتكلم في الموبايل ، أصلي انا كنت شايفك واقف بتتكلم هناك وبتزعق ، كنت بتتكلم في الموبايل صح ؟
وقفت وهو كمان وقف ، هزيتله دماغي بمعني لا مكنتش بتكلم في الموبايل .
برأ عينه لثواني ولقيته بيهمس وكان الواضح انه بيقرا قران او حاجة ، كملنا الطريق وسحب التوك توك معايا وااااااا ….
لا ثواني بس أصل حصل حاجة وكان لازم اقولها ، الاغاني مش شغالة ! .. مش عارف امتى ولا ازاي ولا مين اصلا شغلها علشان يطفيها .
ركبت المكنة وانا بقول لنفسي بصوت عالي :
_ الاغاني كانت شغالة دلوقتي ، مين قفلها ؟ .
ركبت وقبل مامشي لقيته بيقولي :
_ لو ليك نصيب ورزق تيجي هنا تاني ، بلاش اغاني وازعاج ، الميتين بيحسوا وليهم حرمة برضو .. امي قالتلي انك كنت معلي الاغاني على اخرها .. وده غلط .
بصيتله باستغراب وقولته :
_ كنت !! .. يعني ايه كنت .. الاغاني كانت شغالة دلوقتي .. انت مسمعتهاش .. صوتها كان عالي اوي .
هز دماغه وقالي :
_ محصلش ، من وقت مشوفتك ومكنش في اي اغاني شغالة .
نزلت من المكنة وقولتلك حصل كذا وكذا وكذا .
قالي وهو بيضحك :
_ متخفش ده عم ربيع وابنه سعيد دول قلبهم ابيض اوي .. اه وعلفكرا . . تعالى معايا كدا ، بص مافيش اي حفرة موجودة هنا !.
استغربت بس رجعت وفكرت وقولت لنفسي ( فعلا لما جيت هنا اول مرة مكنش فيه حاجة ) .. رجعت قولتله :
= تمام عرفت دي ، قولي بقى انت ليه قولتلي اني كنت بتكلم في الموبايل ، مفهمتش قصدك ، معلش استحملني.
طلع من جيبه علبة سجاير ، خد واحدة واداني واحدة ، ولع سيجارته وبعدها ولعلي السيجارة وقالي بصوت واطي وهو بينفخ الدخان قدامه في الهوا :
_ بص القبر اللي بابه اخضر ده اعوذ بالله يعني بيقولوا ان اللي اتدفن فيه راجل بتاع اعمال وكدا اعوذ بالله ، و لما شوفتك بتتكلم عند اول الحارة دي ، كنت شايفك بتكلم نفسك ، مكنتش شايف حد موجود غيرك فاهمني .
قولتله وانا بركب المكنة وبدورها :
= ازاي يا عم مانا قولتلك على اللي فيها ، حتى انت قولتلي ان اسمه ربيع وابنه اسمه مش عارف ايه كدا .
قالي وهو واقف مكانه :
_ لو على دول فتمام مافيش مشكلة ، انا كنت خايف لتكون وقعت مع اللهم احفظنا يعني تاني غيرهم .
=اللهم أحفظنا غيرهم .. يعني همااااا ….
قطع كلامي وقالي :
_ أيوة .. بس مش بيأذوا ، مش بقولك قلبهم ابيض .
شكرته ودورت المكنة ومشيت فوراً .. رجعت بضهر المكنة لورا وعدلت نفسي عشان امشي ، الشاب اللي كنت واقف معاه اللي معرفش أسمه ايه مشي .
كانت غلطة تانية عملتها لما بصيت على الباب الاخضر اللي كان على شمالي قبل ما امشي ، لاني لقيت العين مرة تاني بتبص عليا من جوة ومبرألي !!!! .
مشيت بأقصى سرعة ومعملتش حساب لاي بني ادم ممكن اقابله وانا ماشي ، كنت عامل زي الاعمى ، مشيت وروحت البيت .
مانا شوفت يوم صعب اوي ، يوم خلاني اقعد في البيت اكتر من ٤ أيام ، ٤ أيام الحمى مسكاني وطول الايام دي عمال اشوف كوابيس كتير .
من يومها مبقتش بشغل اغاني خالص مش بس وانا بقرب للمقابر ، مش عارف كان لازم يحصلي كدا عشان اتهد شوية وابطل العادة الغلط دي .
استفادوا من اللي حصلي وبلاش اغاني وانت قريب من اي مقابر ، عربية بقى موتوسيكل ، حتى لو ماشي لواحدك على رجلك وفي ودنك سماعات ، او لو سايق توك توك زي حلاتي .
الافضل تقول ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دار قوم مؤمنون .. انتم السابقون ونحن بإذن الله بكم لاحقون ) .. بعدها تقرأ الفاتحة وتدعي بالرحمة لجميع الاموات .
ربنا يرحم امواتنا جميعاً وربنا يغفر لنا ذنوبنا يارب .
ومتنسوش ، كل بيت وليه حُرمة ، وفي المقابر برضو في حاجة اسمها ( حُرمة أموات ) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى